(الشهيد بأذن الله )
ولد سيدنا حمزة رضي الله عنه قبل عام الفيل بنحو سنتين أو أربع وأسلم ما بين السنة الثانية أو السادسة من البعثة واستشهد في غزوة أحد في شوال سنة ثلاث من الهجرة وعاش نحو سبعة أو تسعة وخمسون سنة.
شجاعته ومكانته
كان له من القوة والشجاعة وعزة النفس وإباء الضيم نصيب وافر رفع شأنه وأعلى مكانه فكان أعز فتيان قريش وأشدهم شكيمة وأقواهم عزيمة وأعظمهم في النفوس محبة ومهابة. فكان صاحب قنص يخرج له، ثم يرجع من قنصه فيطوف الكعبة قبل أن يصل إلى أهله ولا يمر على نادٍ من قريش إلا وقف وسلم، وتحدث معهم فأنسوا به وأنس بهم. كانت ثقة الرسول صلى الله عليه وسلم به عظيمة، فعقد له أول لواء في الإسلام وأقامه على رأس أول بعث إلى سِيف البحر ساحل البحر في ثلاثين راكباً من المهاجرين ليأخذ الطريق على أبي جهل بن هشام وكان في ثلاثمائة راكب من أهل مكة. وعقد له أيضاً اللواء في غزوة بني قينقاع (من اليهود).
ولسيدنا حمزة رضي الله عنه في غزوة بدر مقام مشهور وجهاد مشكور فقد كان قتلى المشركين فيها سبعين حيث انفرد سيدنا حمزة بقتل خمسة من رؤوسهم وشارك في قتل مثلهم وقد شهد له المشركون بهذه الشجاعة. قال أمية بن خلف المشرك في أثناء القتال لعبد الرحمن بن عوف: يا عبد الإله من الرجل منكم المعلَم بريشة نعامة في صدره ؟ قال: ذاك حمزة بن عبد المطلب. قال أمية: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل.
سبب إسلام سيدنا حمزة
رضي الله عنه
مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعييف لشأنه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بل رجع إلى بيته وانصرف أبو جهل إلى نادٍ من قريش عند الكعبة فجلس معهم فخوراً بما فعل، وسمعت مولاة لعبد الله بن جدعان وهي في مسكنها سباب أبي جهل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلبث سيدنا حمزة رضي الله عنه أن أقبل من صيدٍ له متقلداً قوسه، فأخبرته المولاة بإيذاء أبي جهل لابن أخيه فامتلأ غضباً وأسرع إلى الكعبة ليوقع بأبي جهل فرآه جالساً بين القوم فأقبل نحوهم وضربه بالقوس على رأسه فشجَّه شجةً منكرة وقال: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول ؟ فرُدّ ذلك عليّ إن استطعت، فقامت رجال من بني مخزوم لينصروا أبا جهل، فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة فإني والله قد سببت ابن أخيه سباً قبيحاً وأعلن سيدنا حمزة رضي الله عنه إسلامه
وعاهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على نصرته والتضحية في سبيل الله حتى النهاية.
أثر إسلام سيدنا حمزة رضي الله عنه
على الدعوة الإسلامية
كان له رضي الله عنه همة عالية وشجاعة نادرة ومنزلة سامية وكان لإسلامه أثر بعيد ووقع شديد لدى المشركين والمسلمين على السواء، أما عند المشركين فألم أليم وحزن مقيم وأما عند المسلمين ففرح عام وسرور تام فقد عز النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وامتنعوا وبه وكَفَّ المشركون عن بعض ما كانوا ينالون منهم وقد شاء الله العظيم أن يمد قوة الإسلام سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ثم يزيد هذه القوة بإسلام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد إسلام سيدنا حمزة بقليل.
استشهاد سيدنا حمزة
رضي الله عنه
قاتل حمزة يوم (أحد) قتالاً مأثوراً ودافع دفاعاً مشكوراً فقد قتل ثلاثة من كبار المشركين منهم - اثنان من حملة اللواء ثم استشهد رضي الله عنه بحربة قذفه بها وحشي بن حرب خلسةً بعد أن أغرته هند بنت عتبة بالأعطيات ووعده سيده بالعتق إن هو قتل حمزة. قال وحشي: كنت غلاماً لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى (أحد) قال لي جبير: إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق، قال وحشي: فخرجت مع الناس وكنت رجلاً حبشياً أقذف بالحربة قذف الحبشة قلما أخطئ بها شيئاً فلما التقى الجمعان، خرجت أنظر حمزة وأتبصره، حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق، فرأيته يهدُّ الناس بسيفه هدَّاً ما يقوم له شيء فوالله أني لأتهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني، إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى، فضربه حمزة ضربة قاضية سريعة كأنما أخطأ رأسه وهززت حربتي ودفعتها إليه، فوقعت في أسفل بطنه وخرجت من بين رجليه فأقبل نحوي فانقلب فوقع، وأمهلته حتى مات، فأخذت حربتي وتنحيت إلى العسكر ولم يكن لي بغيره حاجة فإنما قتلته لأعتق.
الإبتساماتإخفاء